بشهادات من "ناجيات داعش".. الأيزيديون يحيون الذكرى الحادية عشرة لفرمان شنكال

بشهادات من "ناجيات داعش".. الأيزيديون يحيون الذكرى الحادية عشرة لفرمان شنكال
نساء أيزيديات- أرشيف

سُجل الثالث من أغسطس 2014 كيوم أسود في سجلات الإنسانية، حين اجتاح تنظيم داعش مناطق الأيزيديين في شنكال، ليحوّل الموطن التاريخي لهذه الطائفة إلى مسرح لإحدى أبشع الجرائم في الشرق الأوسط الحديث. 

وشنّ التنظيم التطرف هجوما هدفه إبادة جماعية بحق جماعة مسالمة، خُطفت خلاله آلاف النساء، وقُتل مئات الرجال بدم بارد، بينما اقتيد الأطفال إلى معسكرات التجنيد القسري، بحسب ما ذكرت وكالة "JINHA"، اليوم الجمعة. 

ومنذ ذلك اليوم يطلق المجتمع الأيزيدي على هذه المجزرة اسم "الفرمان"، في إشارة إلى الفرمانات التاريخية التي استهدفت وجودهم عبر القرون.

الإبادة المتكررة عبر التاريخ

بحسب روايات الأيزيديين، فإن فرمان 2014 لم يكن الأول من نوعه، بل جاء امتداداً لسلسلة من المذابح والاضطهادات التي طالتهم مراراً، حيث يتحدثون عن 74 فرماناً سُجلت في تاريخهم. 

ومع ذلك، يبقى هجوم داعش الأشد وحشية في العصر الحديث، نظراً لحجمه وآثاره الممتدة حتى اليوم، حيث ما زال الآلاف من النساء والأطفال مفقودين، فيما يعيش الناجون صدمة نفسية واجتماعية عميقة.

وسط هذه الذكرى المريرة، برزت شهادة الشابة الأيزيدية هديل نايف، التي اختطفها داعش وهي في التاسعة عشرة من عمرها وبقيت في الأسر أربع سنوات ونصف. 

روت هديل قصتها لتجسد معاناة مئات الفتيات اللاتي تعرضن للبيع والاغتصاب والاستعباد: "قضيتُ أربع سنوات ونصف في قبضة داعش، وجرى بيعي خلالها سبع مرات، وتعرضتُ لشتى أنواع العنف.. كانوا يضربوننا ويذلّوننا، بل عذبوا طفلتي الصغيرة لأنها لم تكن تفهم اللغة العربية، فقدت إخوتي وأخواتي، ولا يزال أربعة منهم مفقودين حتى اليوم".

تصف هديل كيف فُصل الأطفال عن أمهاتهم في سجن بادوش، ليُنقلوا إلى معسكرات التدريب العسكري، فيما تم اقتياد النساء إلى أسواق النخاسة في الموصل والرقة ودير الزور. 

وتضيف بأسى: "حتى بعد تحريري، ما زلت لا أشعر بالحرية والسلام، فألمي سيبقى ما دام أحبائي مفقودين".

جراح لم تندمل بعد

على الرغم من مرور أحد عشر عاماً على المجزرة، لم يلتئم جرح المجتمع الأيزيدي؛ آلاف النساء لم يعدن بعد، والكثير من الأطفال الذين جُندوا ما زالوا مجهولي المصير. 

وفي شنكال، تحوّلت ذكرى الثالث من أغسطس إلى يوم عالمي للتذكير بضحايا داعش وبضرورة محاسبة مرتكبي جرائم الإبادة. 

ورغم الجهود الدولية لتصنيف ما حدث كجريمة ضد الإنسانية وجريمة إبادة جماعية، يرى الناجون أن العدالة لا تزال بعيدة المنال.

ويحاول الأيزيديون اليوم إعادة بناء حياتهم في شنكال، لكن آثار الإبادة لا تفارقهم، فالقرى ما زالت تحمل ندوب الدمار، والقبور الجماعية تذكّر كل يوم بما حدث. 

ومع ذلك، يصرّ الناجون على إحياء ذكرى "الفرمان" سنوياً، ليس فقط لتكريم الشهداء، بل أيضاً لمطالبة المجتمع الدولي بتحمل مسؤولياته تجاه حماية هذه الأقلية ومحاسبة المسؤولين عن الجرائم.

مسؤولية إنسانية عالمية

تؤكد شهادات الناجين، كقصة هديل نايف، أن ما تعرض له الأيزيديون عام 2014 لم يكن مجرد فصل دموي في حرب عابرة، بل مأساة إنسانية تُحتّم على العالم العمل على ضمان عدم تكرارها. 

والمطلوب اليوم ليس فقط الاعتراف بالإبادة، بل توفير الحماية الفعلية للمجتمع الأيزيدي، وإعادة المختطفين، ومحاسبة الجناة أمام محاكم دولية عادلة.



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية